روايات أثير عبد الله النشمي القلم الشاب المبدع
في كل فترة من الفترات يظهر كاتب يُبدع في سرد أحداث رواياته بأسلوب يختلف عن الأساليب المتعارف عليها وقد ظهرت الكاتبة أثير عبد الله النشمي من بين هؤلاء الكتّاب لتمتعنا بأسلوبها السلس في كتابة الرواية رغم أنها لم تتجاوز الأربعين من عمرها.
من خلال قراءة روايات أثير عبد الله النشمي الكاتبة السعودية نتعرف على قلم جديد مبدع وسط البيئة المحافظة لتظهر الثقافة العالية التي تتمتع بها مع اسلوبها الأدبي الممتع والذي يشدنا لنتعرف على كل ما تكتبه فتعالي معنا لنتعرف أكثر عن روايات أثير عبد الله النشمي ونتناول شرحًا مختصرًا عن رواياتها وما بسطته لنا من أحداث وأبطال ومواقف:
أثير عيد الله النشمي
ولدت الكاتبة أثير عبد الله النشمي في الرياض في المملكة العربية السعودية عام 1984 من أسرة صغيرة مكونة من أب وأم وأخ وحيد وأربعة بنات.
تلقت علومها الثقافية في مدينة الرياض ومارست الكتابة الأسبوعية في جريدة الشمس (وهي جريدة يومية والتي تضم عددًا من الكتاب الشباب والموجهة أيضًا للشباب) وقد اهتمت هذه الكاتبة بالطفل والمرأة كما أظهرت لنا اهتمامها بالتربية ومعاناة المرأة والمشاعر الصادقة والتعابير القوية التي شدت القارئ لأسلوب يجعله يبدأ الرواية ولا يمل في القراءة حتى يصل للنهاية.
لقد أبدعت هذه الشابة في كتاباتها وتصويرها للواقع المحيط بها وخاصة فيما يتعلق بالمرأة العربية والمعاناة التي تواجهها من المجتمع وتحكّم الرجل فيها رغم التطور الذي يدعيه البعض.
روايات أثير عبد الله النشمي
بدأت أثير النشمي أولى كتاباتها الروائية في كتابة رواية (أحببتك أكثر مما ينبغي) والتي نُشرت في عام 2009 ولاقت اقبالًا كبيرًا من الناس لقراءتها وصدى في أجواء الوطن العربي مُظهرًا كاتبة شابة وقلم جديد مبدع من بداياته واسلوبًا أدبيًا لافتًا ووضعت نفسها في صفوف الكتّاب الكبار.
ومن أبرز الروايات التي قامت أثير النشمي في كتابتها هي:
- أحببتك أكثر مما ينبغي.
- في ديسمبر تنتهي كل الأحلام.
- فلتغفري في عام وهي تعتبر الجزء الثاني لروايتها أحببتك أكثر مما ينبغي.
- ذات فقد.
- عتمة الذاكرة.
واخترت لكم في هذا المقال أن أعطي نبذة عن هذه الروايات والتعرف على شخصياتها واسلوبها في الكتابة مع بعض العبارات التي وردت على لسان الشخصيات والتي أصبح لها عشاق يتداولونها.
رواية (أحببتك أكثر مما ينبغي)

أول رواية للكاتبة أثير والتي تجعل القارئ وكأنه أمام فيلم سينمائي ملئ بالمشاعر الرقيقة والحساسة مع الصدق في الأحاسيس والحبكة في الأحداث والمتعة في المتابعة مع لغة تشد لمعرفة المزيد من العبارات المليئة بمشاعر قوية وصادقة وحساسة.
الرواية تُختَصر في عدة كلمات وهي حب الفتاة جمانة لعبد العزيز وهما من السعودية تدرس هي في كندا علم الحاسوب وهو يعيش في كندا منذ عشر سنوات ولكن سرعان ما تكتشف لهوه وتصرفاته الماجنة وقصصه الغرامية وهي تحاول أن تدافع عن حبها على أمل أن تحصل على حبيبها إلا أنه اختار حريته على الارتباط بها رغم حبه لها.
الرواية تعبر عن قصة وجع الأنثى للبطلة (جمانة) العاشقة والتي وقعت في غرام عبد العزيز (عزيز) الرجل الخطأ الذي آلمها بخياناته لما له العديد من القصص النسائية والتي كانت تغفر له في كل مرة عله يتغير.
الرواية تتكلم عن حالة من الضعف والاستسلام التام من طرف البطلة (جمانة) للحب وحالة الغياب الكلي للعقل التي يعيشها (عزيز) في وضعية ادمان قاتلة فقط لانتشال ما تبقى من الحب.
بيئة مغلقة أبعد عن الحب:
كتبت أثير في روايتها هذه عن البيئة المغلقة التي ترعرع فيها حب تكبله التقاليد في بلد لا يزال يرى في الحب خطيئة وجريمة، ونقلت للقراء كيف تعيش العاشقة حبها في الخفاء دون أن تهاجم المجتمع أو أن تعلن عن هذا الحب رغم وجودها في الغربة (كندا).
تحمل في قلبها الجانب الجميل للمدينة التي تربت فيها وإلى أهلها ولا تكن البغض حتى لأشقائها الذين يحكمونها بذكوريتهم وتتفهم طبيعة معاداتهم للحب، لكن البطلة في الوقت ذاته تعلن امتعاضها عن هذه العادات على لسان بطلة الرواية (جمانة) لشريكتها في الغرفة الطالبة الكويتية (هيفاء) حيث تقول صديقتها في إحدى الحوارات معها:
“أنا لن أحب سعوديًا خليجيًا واحدًا وعزيزنا واحد” في تلميح منها إلى أن كل خليجي يسكنه رجل يشبه البطل عزيز.
شخصية عزيز:
عزيز نموذج لشخصيات كثيرة في عالمنا الواقعي فهو سعودي يقيم في كندا منذ عشر سنوات مغترب يحمل جينات سعودية عربية ويجد متعته في الشرب وحضور الحفلات الصاخبة والارتباط بأكثر من امرأة من أجل المتعة وعاشق للبطلة جمانة في نفس الوقت حيث يرى فيها طُهرًا يستفذ مجونه، يريدها كما نساء بلاده امرأة عذراء تعامله على أساس رجل البيت (السيد) فهو يرى أن رجولته تكمن في إذلالها وكسرها، في كل مرة يخاف أن يخسرها كما يخاف أن يُخلص لها ويخاف أن تتركه كما يخاف أن يخسر حريته وهو مرتبط بها.
نقد لرواية أحببتك أكثر مما ينبغي:
نجحت الكاتبة في ترجمة مشاعر كل شخصيات روايتها وبرعت في وصفهم حتى تشعر وكأنك تراهم، كما كشفت عن انفعالاتهم النفسية وقدمت الحب بلغة شاعرية مرهفة حتى يشعر القارئ وكأنها عندما كانت تكتب كل فصل من روايتها كانت عيونها ممتلئة بالدموع من شدة البكاء.
إلا أنه يمكن أن نشير إلى اغفال الكاتبة الجانب المكاني للرواية حيث راحت تصف بعض الشقق أو المنازل في كندا دون اقناع القارئ بأن الأحداث وقعت في كندا فعلًا فليس هناك ما يدل على أن الأبطال كانوا يعيشون في كندا.
لكن والحق يقال إن الكاتبة نجحت في ترجمة مشاعر شخصياتها.
اعتماد أسلوب الرسائل:
كتبت أثير عبد الله النشمي روايتها بأسلوب بسيط ومطول يصلح عادة للرسائل وكأن الرواية رسالة طويلة كتبتها جمانة لعزيز حيث أسهبت في كثير من الفصول في سرد خيبة أمل البطلة بعزيز حتى يشعر القارئ وكأنه يقرأ خطابات بين أبطال القصة ويستعجل الكاتبة كي تنتقل به إلى الحدث التالي.
كما استخدمت الكاتبة تقنية الفلاش باك (الاسترجاع الزمني) الذي يتقدم ويتأخر فقد تراها في فصل تسرد أحداث ثم تعود للحديث عن ذكريات مضت دون أن تشوش على القارئ إضافة إلى أنها تبدأ الرواية بنص فيه عتاب وكأنها تعطي النهاية من البداية.
ملاحظة:
لقد كانت رواية (أحببتك أكثر مما ينبغي) نموذج لإبداع الكاتبة أثير النشمي وهي السبب في شهرة الكاتبة ولمعان اسمها في عالم الكتّاب.
تميزت هذه الرواية بالرومانسية من خلال نقل أحاسيس ومشاعر الفتاة العاشقة والتي كانت تحمل الحب لبطل الرواية فكانت هذه المشاعر يمتزج فيها الحب مع الألم والسعادة مع الأسى والعشق مع الغيرة والخيانة.
أسلوب رائع في سرد الأحداث ونقل المشاعر والأحاسيس وألفاظ منتقاة بعناية تصلح لأن تكون عبارات يتداولها عشاق الكتابات والعبارات المنتقاة لكبار المبدعين.
حقًا إنها رواية شدت القارئ حتى جعلته يركض بين صفحاتها للوصول إلى النهاية فيتعلق أكثر بهذه الرواية للتعرف على تفاصيل أدق عن شخصيات القصة.
عبارات رائعة من رواية أحببتك أكثر مما ينبغي:
“الغريب في علاقتنا هذه يا عزيز أنها تتأرجحُ ما بين لهيب النار وصقيع الثلج”.
“أتدري يا عزيز! دائمًا ما كنت مؤمنة بأن لا خير في رجل يكره وطنه .. فلماذا آمنتُ بخيرك؟”.
“في كل مرة، وبعد كل خيبة أمل .. كنت أحاول لملمة أجزائي لنفتح مجددًا صفحة بيضاء أخرى، لكن البدايات الجديدة ما هي إلا كذبة”.
“طوال حياتي لم أبكي بحرقة إلا بسببك، ولم أضحك من أعماقي إلا معك .. أليست بمعادلة صعبة”.
“ما أصعب أن تنادي امرأة باسم أخرى، على الرغم من أنها تكادُ تنادي كل رجال الدنيا باسمِك”.
“أجلسُ اليوم إلى جوارك، أندب أحلامي الحمقى .. غارقةً في حبي لك، ولا قدرة لي على انتشال بقايا أحلامي من بين حُطامك”.
رواية “في ديسمبر تنتهي كل الأحلام”:
الموضوع الرئيسي لرواية “في ديسمبر تنتهي كل الأحلام” التي نشرت في عام 2011 حول أحلام البطل التي تتلاشى أمام التقاليد والعادات في مجتمعنا العربي وخاصة في السعودية التي ينتمي لها (هذام) بطل الرواية والقيود التي تحيط بالشخص لتكبله إضافة للاصطدامات التي تقف في وجهه تجاه أي قرار أو حلم يمكن أن يتخذه.
فالبطل في هذه الرواية يعمل في الصحافة وأسرته محافظة جدًا يحب زميلة له في العمل (ليلى) الفتاة الجريئة القوية التي تحمل أفكارًا متطورة وتدافع عن المرأة وحقوقها بكل إيجابية وبالمقابل يشعر البطل (هذام ) بنفسه مغايرًا لفتاته ويقف بضعفه وطموحاته السطحية أمام طموحات حبيبته الجريئة وعندما يقرر الزواج منها كحلم من أحلامه يرفض أهله مما يجعله يهرب من هذا الواقع الذي لا يريد أن يتغير ويلجأ إلى لندن في شهر ديسمبر لينهي كل أحلامه التي كان يتوق لتحقيقها في بلده ويغير حياته كلها هربًا من ماضيه ليغوص في حياة الحرية اللامتناهية ككاتب صغير ويُغرق نفسه في الشهوات والمحرمات التي لا قيد أو شرط لها في هذا البلد.
يتعرف خلال رحلته في الغربة على فتاة عراقية (ولّادة) ويتبادلان الحب ويعرف بأنها هاربة من أهلها لأنها أحبت شابًا من غير دينها ويعيش معها حلمًا جديدًا وقصة حب طويلة سرعان ما تنتهي فجأة باختفاء ولادة دون أي سبب فيبدأ ألم جديد مع تبخر حلم آخر كان يرسم له نهاية سعيدة.
عبارات جميلة من رواية “في ديسمبر تنتهي كل الأحلام”:
يومَ ذاك، أدركتُ أنّ المرأة في بلادي محارَبة من دون وجهِ حقّ، فأخذتُ على عاتقي مسؤوليّةَ مساندتِها في الحصولِ على حقوقِها، أو عدم المشاركة في محاولاتِ قمعها على أقلّ تقدير، وقد كان ذلك برأيي أضعفَ الإيمان.
لم ألتقِ بليلى كثيرًا بعد اجتماعنا الأوّل، لكنّي كنتُ أطّلع على التقارير التي كانت تَعدّها، والتي كانت تُرفض كمادّةٍ للنّشر في أغلبها نظرًا لجرأةِ الطّرح والمواضيع”.
آراء حول رواية “في ديسمبر تنتهي كل الأحلام”:
تعتبر هذه الرواية من الروايات الرومانسية التي اعتادت الكاتبة أن تكتبها كما أنها تقليدية متداولة وحزينة جدًا فلا يمكن أن تجد أي أمل في أحلام هذا البطل.
إضافة إلى أن الرواية تعالج موضوع التقاليد والعادات المنتشرة في المجتمع والتي تقف دائمًا عائقًا أمام الأحلام.
وجد البعض أن الرواية مملة لأن أحداثها قليلة كما أنها اعتمدت في صياغتها على لغة شاعرية وقوية لكنها على حساب الأحداث ومحتوى القصة نفسها.
رواية “فلتغفري”:

صدرت هذه الرواية في عام 2013 وهي تعتبر الجزء الثاني لرواية “أحببتك أكثر مما ينبغي” إلا أنها نقلت الأحداث ليقوم البطل عزيز برواية القصة على لسانه ويعطي التبريرات على ما حصل معه.
فلتغفري “قصة حب”:
تعتبر هذه الرواية (فلتغفري) من أروع قصص الحب الرومانسية وقد جذبت الكثيرين لقراءتها فكانت من الروايات الناجحة مع رواية (أحببتك أكثر مما ينبغي).
أحداث هذه الرواية تجمع بين الحب الممزوج بالكذب وبين الخيانة حيث كان (عزيز) كثير الكذب على حبيبته جمانة ويخونها في كل مرة رغم أنها كانت تعرف بذلك دون أن تظهر له معرفتها.
عزيز متمسك بجمانة الفتاة التي تحمل صفات المرأة التي يرغب بها بطهارتها وبساطتها وهو الرجل الذي يعيش حياة اللامبالاة والمحرمات والشذوذ إلا أنه يريدها كما هي ولكن دون أن يتقرب أكثر ليتزوجها لأنه لا يريد أن يخسر حريته وحياة اللهو التي يعيشها.
كان بالمقابل يعرف فتاة تدعى (ياسمين) ولم تكن مسلمة والتي كانت بالنسبة له تسلية لا أكثر وكان يلجأ إليها عندما تضغط عليه (جمانة) والتي كانت كثيرًا ما تتغاضى عن أكاذيبه وخيانته لها.
وبعد أن تسرد الكاتبة قصص (عزيز) الغرامية وتعرفه على عدة فتيات يقرر أن يتقدم للزواج من جمانة الطاهرة وتتم الخطبة إلا أن جمانة وصلت بعدها لقرار بأن ترفضه لأنها لا تستطيع أن تسامحه على كل مبالاته وأفكاره التي لا تتناسب مع التقاليد كما أنها رغم حبها الشديد له لكن كرامتها تمنعها من أن تسامحه عن خيانته وكذبه لها.
حول رواية “فلتغفري”:
في هذه الرواية عزيز هو الذي يتحدث والأحداث تدور حول حياته مع أهله وعن علاقاته في الغربة من خلال أحاسيسه ومشاعره.
وقد كان لهذه الرواية أبعادًا إنسانية وعاطفية واجتماعيه وصورت شخصية البطل (عزيز) الذي مهما بلغ من التطور فهو ابن البيئة التي نشأ فيها شخصية تحمل العديد من الصفات المتناقضة من الأنانية إلى النرجسية إلى الشخصية القوية والمزاجية.
عبارات رائعة من رواية فلتغفري:
“قلت لي يومًا بأن الأحلام تبتدئ فجأة! تخلق في لمحة عين، تولد في لحظة لا نتوقع أن يولد فيها شيء”.
أنتِ أقوى مما تدّعين، أكثر صلابة مما تُظهرين .. فبرغم نعومتك ورقتك وسهولة خدشك إلا أنك فتاة شامخة .. قوية .. ذات جذور عميقة وعتيقة، وفتاة أصيلة، تزأر حينما تُهان .. وتكبُر حينما يحاول كائن من كان تحجميها أو تهميشها”.
“لم أكن اعلم ان الثقة أجمل ما في الحب .. الثقة التي تجعلنا ننام كل ليلة ونحن ندرك أن الحب سيظل يجمعنا”.
“أجمل ما في الحب هي تلك الثقة في اننا سنكبر معًا، نفرح معًا .. نبكي معًا .. نمرض معًا .. ونظل أوفياء لبعضنا البعض حتى لو اختطف الموت أحدنا”.
“المفاجأة تفضح مشاعرنا الحقيقيّة”.
“أنا مؤمنة أن البعد يجعلنا نعتاد الغياب، قد يدخلنا في حالةِ شوقٍ في بداياته، لكننا في نهايةِ المطاف سنعتاده”.
“حينما غادرتِ المقهى يا جمان، قررت أن تكوني لي، لم أكن لأسمح بأن تكوني لغيري أبداً!”.
رواية “ذات فقد”:
“ولدت في يونيو، أحببت في فبراير، تزوجت في سبتمبر، وأصبحت أما في آب، هذه باختصار حكاية امرأة تؤمن بالتاريخ واسمها ياسمين، مولدي لم يكن معجزة، لم يكن استثنائيًا، لكنه لم يكن عاديًا أيضًا”.
بهذه العبارة بدأت الكاتبة أثير النشمي روايتها (ذات فقد) التي نشرتها في عام 2015 لتحكي للقارئ قصة امرأة عاشت الحرمان والفقد نتيجة اليتم باحثة عن حريتها وكرامتها في مجتمع يمنعها كونها امرأة.
شخصية البطلة:
من خلال شخصية البطلة (ياسمين) تروي الكاتبة قصتها بأنها فقدت والدها العزيز على قلبها وعاشت مرارة اليتم ليذهب مع الحب وتعيش مرارة الانكسار والضعف والحرمان والخوف، ورغبة منها للتخلص من هذه المشاعر لجأت إلى (مالك) الذي تزوجته أملًا في أن يُعوضها عن كل المشاعر الحزينة والضعيفة ويُعيد لها قوتها وأمنها وأن يملأ حياتها بالدفء والأمان فكان أكبر خطأ اتخذته لأنه كان بعكس ما توقعت يحمل بطياته الخيانة ويخذلها بتصرفاته وملذاته الماجنة.
لقد أبدعت الكاتبة في تصوير حياة البطلة في ظل فقدان والدها المحب وتحملها مسؤولية العيش في مجتمع لا يعترف بالمرأة ولا يمنحها أي دور في المجتمع فكانت تفتقد للأمان والدفء والحياة المستقرة.
شخصية البطل:
وكانت شخصية (مالك) تعبر عن الرجل الخائن والباحث عن الملذات والأهواء والخيانة تلو الأخرى وعدم الاهتمام بالزوجة.
لم تقاوم البطلة هذا العذاب ولم تبوح به فكانت تفتقد للسند وتحاول التخلص من مرارة كتمان هذه المشاعر والأحاسيس التي تعيشها مع رجل اختارته ليضيء لها الطريق فكان العتمة بذاتها مما يرغمها على طلب الطلاق بعد ثلاث سنوات من زواجها إلا أنها تتفاجئ بأنها حامل مما جعلها تبتعد عن فكرة الطلاق لتربي ابنها (نهار) الذي وجدت فيه أملًا لحياة أفضل وصفحة جديدة من حياتها لكن هذه الحياة لم تكن أفضل لتجد عودة زوجها للخيانة واختفاء ابنها وبعد تفتيش عنه عثرا عليه غريقًا في مسبح قريب من المنزل مما جعل كل أحلامها وآمالها تنهار.
نقد لرواية (ذات فقد):
رواية رائعة لقصة مؤلمة تمتزج فيها مشاعر المرأة الحساسة والتي تحمل في طياتها الخوف والحرمان والانكسار.
لقد تعرضت هذه الرواية للنقد فقد كانت الرواية مُقلة في طرح الأحداث المثيرة والانتقال من حدث لآخر يشد القارئ مما جعل القراء يستنتجون الأحداث قبل أن تكتمل الرواية وهذا بسبب غياب عنصر التشويق للحدث رغم أنها تميزت بأسلوب السرد الذي يحفز القارئ ليتعرف على أحداث القصة.
لم تأخذ هذه الرواية الشهرة نفسها والنجاح التي كانت لبقية مؤلفات الكاتبة أثير ربما يعود السبب في اعتماد الكاتبة على الواقعية في كتاباتها مبتعدة عن الخيال.
عبارات رائعة من رواية (ذات فقد):
تقول الكاتبة أثير عبد الله النشمي عن روايتها ذات فقد:
“أن تعيش الفتاة دون أب في مجتمع كمجتمعنا يعني أن تقف طول حياتها على ساق واحدة، بحيث أن أي هبة هواء قد تطيح بها”.
من أجمل العبارات في رواية ذات فقد:
“منذ رحيل أبي وأنا أرى الموت كل يوم، أشم رائحته أشعر به وأسمع صوته لكنني لا أملك القدرة على التحدث إليه ولا أملك الجرأة على النظر في عينيه فأقابله كل ليلة مطأطئة الرأس لامعة الجبين”.
“كنت بحاجة إلى رجل يسعف قلبي رجل يمنحني شيئًا من الحياة التي شعرت بأنني فقدتها بعدما حلت فوق رأسي غيمة الفقد”.
رواية (عتمة الذاكرة):

من خلال قراءة رواية (عتمة الذاكرة) التي صدرت في عام 2016 تتعرف على نمط آخر من روايات أثير والتي في هذه الرواية تتحدث عن الرجل المستضعف الذي يعيش حياة متعبة لرفض أهل حبيبته زواجه منها مما يضطره للهجرة.
شخصيات رواية عتمة الذاكرة:
اختارت أثير لروايتها عتمة الذاكرة شخصيات موجودة في واقعنا وبكثرة وأوضحت في روايتها الجو الذي كان يعيشه (مشهور) في طفولته من أب عنيف وقاسي وأم بقلب متحجر ليعيش البطل طفولة قاسية وسط أسرة مفككة فصار يبحث عن الحنان والعطف والحب في حالة من الاضطراب والنقص فكانت البطلة (منتهى) الملجأ لهذه المشاعر المتخبطة والحب الصادق الحقيقي إلا أنه زاد إلى آلامه ألمًا عندما رفض أهل محبوبته زواجه منها.
اختار البطل (مشهور) ليهرب من آلامه المتتالية اللجوء إلى الغربة ليتخلص من ماضيه المؤلم والثقيل ويدفن معه أحاسيس كُتب لها أن تموت رغم تأججها.
وعندما تزوج من امرأة أخرى كان طريقًا لألم جديد فهي تعيش معه مكرهة وترغب في تركه وهذا ما أحس به مما زاد على آلامه ألمًا آخر يثقل همومه ويُتعب أيامه.
آراء حول رواية “عتمة الذاكرة”:
هناك عدة آراء ظهرت حول رواية عتمة الذاكرة:
- هناك رأي وجد أن هذه الرواية رائعة وتستحق متابعة قراءتها لما تحمله من موضوع مهم بأسلوب جديد.
- ورأي آخر وجد أن هذه الرواية تميل لطابع الكآبة وعدم الوصول لحلول آلام وراء آلام لا تنتهي وأن الأحداث كانت بطيئة ليس فيها الكثير من التشويق لذلك كان يجب أن يكون فيها بعض التشويق والتفاصيل الأكثر عمقًا لكسر ملل الأحداث.
وهناك آراء أخرى إلا أنه رغم كل الانتقادات فالحق يُقال إن هذه الرواية بموضوعها لامست مشاعر يعيشها الغالبية بالإضافة إلى أن هذه القصة موجودة وبشكل كبير في مجتمعنا العربي.
ومن أجمل العبارات في رواية عتمة الذاكرة:
اسلوبها لم يختلف عن باقي رواياتها إلا أن السرد والعبارات التي ذكرتها ضمن الأحاديث التي كان البطل يُكلم نفسه أو يتحدث مع غيره كانت تلامس القلوب المتعطشة للرومانسية مما جعل هذه العبارات تعلق في ذاكرة القارئ:
- “أشعر بأن الله قد خلق الشيطان لا ليختبر مدى إيماننا فقط، بل يعلمنا من خلال الشر أن طريق الله دائما هو الأسهل حتى وإن حاول الشيطان أن يعرقلنا”.
- “هناك أمور عندما تنتهي يصبح من الصعب أن يتحدث الإنسان فيها، من الصعب أن يطرق بابها من جديد، أن يبررها، أن يفسرّها، حتى وإن كانت تحمل وجوها تفسر وأمور تبرر”.
- “فلِمَ نعيش أسرى قيود لم يفرضها الله علينا، بل اختارها المجتمع لنا”.
- “كيف تنتهي علاقة حب لم ينتهِ الحب فيها بعد”.
- “لم أكن أعرف أن شجاعتي في الإقدام على النهاية بقلبٍ جسور لم تكن إلا حماقة لا تُغتفر”.
المصادر: