ما هي الشخصية الانعزالية (الانطوائية)؟ وأهم أعراضها وأسبابها وكيفية علاجها

الشخصية الانعزالية تسمى أيضًا (الشخصية الانطوائية)، حالة يصاب بها بعض الأشخاص الذين يتجنبون النشاطات الإجتماعية، ويشعرون بالخوف والخجل من توسيع دائرة علاقاتهم ويبتعدون عن أي اختلاط مع الآخرين ويفضلون العزلة وقضاء الوقت بمفردهم بصحبة ذكرياتهم أو قراءة كتاب أو مشاهدة فيلم بعيدًا عن ضجيج الحياة.

وفي هذا المقال سنتعرف معًا على الشخصية الانعزالية وأعراضها وكيفية العلاج منها.

تعريف الشخصية الانعزالية (الانطوائية)

تصنف الشخصية الانعزالية (الانطوائية) بأنها مشكلة نفسية، لأنها تجعل الأشخاص المصابين بها يميلون إلى الانعزال والوحدة دون الشعور بالحاجة إلى تكوين علاقات أو صداقات مع الآخرين، حتى أنهم يمارسون حياتهم بصورة عادية جدًا ولكنهم يميلون إلى ممارسة الأنشطة والمهن التي لا تحتاج إلى عمل جماعي أو تفاعل كبير مما قد يؤثر بشكل سلبي على حياتهم الشخصية والاجتماعية.

والشخص المنعزل هو شخص يشعر بالخوف من الرفض والإحراج والنقد السلبي من قبل الآخرين، مما يدفعه إلى تجنب التواجد في المناسبات التي يوجد فيها تواصل بشكل مباشر مع الأشخاص، والشعور براحة كبيرة في التركيز على أفكاره بدلاً من التركيز على الجو المحيط به والاستمتاع بقضاء الوقت مع عدد محدود من الأشخاص، شخص واحد أو اثنين على الأكثر، والبعض منهم يميل إلى الاهتمام بالحيوانات مثل تربية حيوان أليف في المنزل بدلاً من الاهتمام بأقربائهم، حيث أن 1% من عامة الناس يعاني من اضطراب الشخصية الانعزالية.

أنواع الشخصية الانعزالية (الانطوائية)

ليس كل الأشخاص المصابين بالشخصية الانعزالية متشابهين، فقد يتشاركون في بعض الأعراض مثل الشعور بفقدان الطاقة في المناسبات والأحداث الاجتماعية الكبيرة، حيث توصلت الدراسات التي طورها عالم النفس والباحث جوناثان تشيك Johnathan Cheek إلى وجود أربعة أنواع للشخصية الانعزالية (الانطوائية)، وفيما يلي سنقدم ما يميز كل نوع من هذه الأنواع الأربعة:

الشخصية الانعزالية الاجتماعية:

تميل هذه الشخصية إلى التجمعات والتفاعلات الإجتماعية الصغيرة والأماكن الهادئة التي لا يوجد بها عدد كبير من الأشخاص، كما أن الشخص الانعزالي الاجتماعي يعتبر مصدر قوة وراحة للأشخاص الذين يشعرون بالقلق ولا يفضلون هذه التجمعات حتى ولو كانت صغيرة.

الشخصية الانعزالية في التفكير:

تميل هذه الشخصية إلى قضاء الكثير من الوقت في التفكير والتخيلات الإبداعية ويعتبر الشخص المنعزل في التفكير شخصًا لا يقدر بثمن لأنه يمتلك الرؤية العميقة للأشياء، والإبداع الذي نحتاجه بشدة في جميع مجلات الحياة.

الشخصية الانعزالية القلقة:

يميل الأشخاص المنعزلون القلقون إلى الرغبة في البقاء بمفردهم لأنهم غالبًا مايشعرون بالخجل والإحراج في التجمعات الاجتماعية المزدحمة.

الشخصية الانعزالية المقيدة:

تميل هذه الشخصية إلى التفكير جيدًا قبل القيام بأي تصرف، ومن غير الممكن أن يتخذوا أي قرار لمجرد تعرضهم لأي نزوة، حتى أنهم يستغرقون وقتًا طويلًا عند اتخاذ أي إجراء يتعلق بحياتهم، كما أن الشخص الذي يتميز بالانعزالية المقيدة غالبًا ما يضيف عنصرًا من الفطرة السليمة إلى المناقشات والأنشطة الاجتماعية التي يشارك بها.

الفرق بين الشخصية الانعزالية (الانطوائية) والخجل

يختلف الخجل عن الشخصية الانعزالية على الرغم من أنهما يبدوان متشابهين إلا أنهما لا يمثلان الشيء نفسه فالشخصية الانعزالية (الانطوائية) هي نوع من أنواع الشخصية أما الخجل فهو شعور عاطفي.

عادةً ما يميل الشخص الخجول إلى الرغبة القوية في الانخراط بالمجتمع والذهاب إلى الحفلات والأنشطة الاجتماعية المتعددة، ولكنه يشعر بعدم الإرتياح والتوتر وتسرع في نبضات القلب وألم في المعدة مما يجعله غير قادر على الانخراط في هذه التجمعات، حتى أنه يشعر بخيبة أمل وإحباط بشأن تردده.

أما الشخص المنعزل فقد يبدو خجولاً من خلال الهدوء والانسحاب والعزلة، حيث أنه يفضل تخطي الأنشطة الاجتماعية ويشعر بالراحة والنشاط عندما يكون بمفرده حتى أنه لا يحكم على نفسه بقسوة بالطريقة التي يتعامل بها الشخص الخجول عند تخطي التجمعات الكبيرة وذلك لأنه يفضل البقاء بمفرده، ويدرك أن الأنشطة الاجتماعية تأخد الكثير من طاقته ويعتبر أن تخطيها أمر منطقي.

أسباب اضطراب الشخصية الانعزالية (الانطوائية)

إلى الآن لم يعرف السبب في عزلة بعض الأشخاص دونًا عن غيرهم، ولكن تشير بعض الدراسات العلمية إلى وجود عدة أسباب، أهمها:

  • يعتبر العامل الوراثي أحد أهم أسباب الشخصية الانعزالية، خصوصًا إذا كان أحد الوالدين أو أحد الأقارب يميل إلى العزلة عن المجتمع والبيئة المحيطة به.
  • الإفراط في حماية الطفل وعدم السماح له بالإعتماد على نفسه والإنخراط في المجتمع.
  • عدم استقرار علاقة الوالدين واستخدام أسلوب الشدة والعنف والأوامر مع الطفل، الأم الذي يجعله يفقد الثقة بنفسه ويشعره بالعجز والرغبة بالانعزال في أغلب الأوقات.

أعراض اضطراب الشخصية الانعزالية (الانطوائية)

تختلف أعراض الشخصية الانعزالية من شخص إلى آخر حيث أنها تكون عند بعض الأشخاص معتدلة وعند البعض الآخر شديدة، وتبدأ هذه الأعراض بالظهور في وقت مبكر من مرحلة الطفولة أو المراهقة ولكن عندما يصل الشخص إلى مرحلة العشرينيات تصبح هذه الأعراض ظاهرة بشكل واضح نتيجة تأثيرها الكبير على حياة المصاب في مختلف الأنشطة الحياتية.

وفيما يلي نذكر أبرز الأعراض التي تميز أصحاب الشخصية الانعزالية:

  • يميلون إلى الهدوء والوحدة دائمًا.
  • لديهم صداقات قليلة وليس لديهم رغبة في تقوية العلاقات مع الاقرباء.
  • لديهم حساسية مفرطة والخوف من التعرض للسخرية والإهانة من قبل الآخرين.
  • لديهم صعوبة في التعبير عن مشاعرهم والشعور بنوع من الإرتباك وعدم القدرة على الرد في المناقشات والمواقف الإجتماعية.
  • الخوف من المجازفة أو تجربة شيء جديد.
  • عدم الاهتمام بالعلاقات الجنسية أو انعدام الاهتمام بها.
  • الشعور بعدم الرضا عن الشكل وضعف الثقة بالنفس، لأن لديهم تصور بأنهم غير مناسبين وأقل شأنًا من الآخرين.
  • عادةً ما يمتلكون مواهب ومعارف عديدة لكنهم يحتفظون بها لأنفسهم.
  • الشعور بالتعب بعد التواجد مع عدد كبير من الأشخاص.
  • عدم وجود أهداف محددة في حياتهم والشعور بالحاجة دومًا إلى التحفيز.
  • الميل إلى المبالغة في المشكلات التي تتعلق بهم.

كيفية علاج اضطراب الشخصية الانعزالية (الانطوائية)

يعتبر علاج الشخصية الانعزالية (الانطوائية) أمرًا صعبًا جدًا، لأن الأشخاص المصابين أصبح لديهم تكيف عميق مع العزلة التي يعيشون بها، كما أنها تسبب لهم ضائقة كبيرة لأن معظمهم يرغب بتطوير علاقاته مع الآخرين لكنهم في معظم الوقت يشعرون بالإحراج والخجل لذلك تكون استجابتهم للعلاج جيدة جدًا.

وهناك أكثر من طريقة للعلاج نذكر منها:

العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive-behavioral therapy):

وهو علاج عن طريق الكلام حيث أنه يساعد على إدارة مشاكله عن طريق تغيير طريقة تفكيره وتصرفاته وسلوكياته، ويستخدم بشكل كبير في علاج القلق والإكتئاب ويعتمد هذا العلاج على مفهوم أفكارك ومشاعرك وأحاسيسك ويهدف إلى المساعدة في التعامل مع المشاكل الكبيرة بطريقة أكثر إيجابية ويوفر الدعم النفسي للمصاب لكي يتعامل مع أعراضه والمواقف الإجتماعية بشكل أفضل.

العلاج النفسي الديناميكي (Psychodynamic psychotherapy):

وهو علاج يركز على حل المشكلات المسببة للشخصية الانعزالية في العقل الباطن للمصاب لأنه يركز على الجذور النفسية للمعاناة العاطفية وتتمثل أبرز مميزاته في التأمل الذاتي والفحص الذاتي، وهدف هذا العلاج ليس فقط تخفيف الأعراض الأكثر صعوبة بل مساعدة المصاب على عيش حياة أكثر صحة ويتميز العلاج النفسي الديناميكي بأن له فوائد دائمة لأنه يسهل استكشاف المصاب لذاته.

العلاج بالدواء:

على الرغم من أنه لا يوجد دواء مخصص للشخصية الانعزلية إلا أنه يمكن استخدام العلاج بالدواء مثل الأدوية المضادة للاكتئاب والقلق، وتهدف هذه الأدوية إلى التقليل من التوتر الذي يشعر به المصاب في التجمعات والمناسبات الاجتماعية، وللحصول على أفضل النتائج يجب استخدام العلاج بالدواء مع العلاج النفسي وأن تقدم الأسرة الدعم للشخص المصاب.

مضاعفات اضطراب الشخصية الانعزالية (الانطوائية)

بدون استخدام العلاج المناسب والمتابعة مع الطبيب المختص من المحتمل أن يتضاعف هذا الاضطراب عند الاشخاص المصابين به، كما أن المصاب يصبح أكثر عرضة للإصابة بالعديد من المشكلات النفسية الآخرى، مثل:

  • الإصابة بالعزلة بشكل أكبر عن المجتمع مما يسبب صعوبات طويلة الأمد في العمل والحياة الاجتماعية.
  • الإصابة بالاكتئاب الحاد، ويكون الشخص المصاب عرضة لتعاطي وإدمان المخدرات.
  • قد يؤدي إلى الإصابة باضطراب الشخصية الفصامي وانفصام الشخصية حيث أن المصابين باضطراب الشخصية الانعزالية أكثر عرضة للإصابة بأغلب الاضطرابات النفسية والشخصية الآخرى.

من غير الممكن منع حدوث هذا الاضطراب، لذلك من المفيد البدء بالعلاج بمجرد أن تبدأ الأعراض في الظهور.

أخيرًا …

كما هو الحال في جميع الاضطرابات الشخصية والنفسية الأخرى، فإن علاج الشخصية الانعزالية (الانطوائية) يستغرق وقتًا طويلاً ويعتمد على استعداد الشخص المصاب لطلب العلاج والاستمرار به، وألا يكون محرجًا عند طلب المساعدة الطبية فالشخصية الانعزالية ببساطة هي جزء من شخصية الفرد وليست عيبًا تحتاج إلى تغييره، حيث أن ما يهم حقًا هو ما تشعر به حتى ولو كنت تقضي الوقت بمفردك، وأن تشعر بالراحة مع شخصيتك وتتقبل نفسك كما أنت.

المصادر: الشخصية الانطوائية – موقع webmd