اكتئاب ما بعد الولادة … دليلك الشامل عنه من الأعراض إلى العلاج
على الرغم من جمال لحظة إنجاب طفل جديد بالنسبة لجميع الأمهات الحوامل وعائلاتهن، إلا أن بعض الأمهات قد يشعرن بالتوتر والضغط العاطفي والجسدي بعد الولادة، إذ تعاني معظم النساء من تغيرات في مزاجهن يعرف بـ اكتئاب ما بعد الولادة، وتعد هذه التغيرات طبيعية للغاية، وتنتج عن الإنخفاض المفاجئ الذي يطرأ على الهرمونات، وخاصةً في الأيام الثلاثة الأولى التي تلي ولادة الطفل، وقد يستمر لمدة تصل إلى أسبوعين وقد تستغرق وقتًا أطول.
يعد اكتئاب ما بعد الولادة شائعًا في معظم الأعراق أو الثقافات، فقد تعاني أي امرأة ترحب بمولود جديد في حياتها من هذه الاضطرابات، إلا أنه بمعرفة أعراضه وأسبابه يصبح علاجه ممكن.
ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟
أصبح اكتئاب ما بعد الولادة مصدر قلق عالمي، حيث يؤثر على ملايين الأمهات كل عام، حيث أظهرت الدراسات أن حوالي 65٪ من الأمهات في آسيا يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة، ويعرف اكتئاب ما بعد الولادة بأنه تغيرات مزاجية حادة في فترة النفاس، تحدث بعد ولادة الطفل، فهو مزيج معقد من التغيرات العاطفية والجسدية والسلوكية التي تتعرض لها بعض الأمهات بعد وقت قصير من الولادة. تُعزى هذه التجارب إلى التغيرات الكيميائية والاجتماعية والنفسية المصاحبة للولادة، ويعد هذا الاكتئاب مرض نفسي شائع، تعاني منه معظم الأمهات في فترة ما بعد الولادة.
أعراض اكتئاب ما بعد الولادة
تظهر أعراض اكتئاب عادة في غضون الأسابيع القليلة الأولى بعد الولادة، ولكنها قد تبدأ في وقت مبكر، أثناء الحمل، أو حتى بعد الولادة بعام. قد تشمل علامات وأعراض اكتئاب ما بعد الولادة ما يلي:
- تقلبات مزاجية حادة.
- الشعور بالرغبة في البكاء.
- صعوبة في إيجاد صلة ترابط عاطفي مع المولود الجديد.
- الانسحاب من حياة العائلة والأصدقاء.
- فقدان الشهية أو تناول الطعام أكثر من المعتاد.
- فقدان القدرة على النوم أو النوم لفترات طويلة.
- الشعور بالتعب الشديد أو فقدان الطاقة.
- انخفاض الاهتمام والاستمتاع بالأنشطة التي اعتدت الاستمتاع بها.
- الشعور بالتوتر والغضب الشديد.
- الشعور بالذنب من أنك لست أماً جيدة.
- الشعور باليأس.
- ضعف القدرة على التفكير بوضوح، والتركيز أو اتخاذ القرارات.
- الخوف والتوتر من أن تكوني وحيدةً مع طفلك.
- القلق الشديد ونوبات الذعر.
- الشعور بأن الحياة لا قيمة لها، والتفكير بالموت أو الإنتحار وذلك في الحالات المتقدمة من المرض.
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة
يعتقد الخبراء أن اكتئاب ما بعد الولادة يمكن أن يحدث لأسباب عديدة، وتختلف شدته باختلاف الأشخاص، إلا أن أبرز أسبابه هي كالتالي:
- تاريخ من المعاناة من الاكتئاب قبل أو أثناء الحمل.
- العمر الذي تم فيه الحمل، حيث أنه كلما كانت المرأة أصغر في السن، زاد احتمال معاناتها من الإكتئاب.
- عدد الأطفال، فكلما زاد عدد الأطفال لديك، زادت احتمالية إصابتك بالاكتئاب.
- الأمهات اللواتي تم وضع أطفالهن في وحدة العناية المركزة أكثر عرضة للإكتئاب.
- المعاناة من ظروف إجتماعية ضاغطة، مثل فقدان الوظيفة أو أزمة صحية.
- إنجاب طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.
- إنجاب توأم أو ثلاثة توائم.
- المعاناة من مرض الاضطراب ثنائي القطب.
- المعاناة من صعوبة في الرضاعة الطبيعية.
- حصول حمل غير مخطط له أو غير مرغوب فيه.
- القلق بشأن قدرتك على رعاية المولود الجديد.
- عدم وجود دعم اجتماعي كاف من العائلة أو الأصدقاء.
- الأمهات اللواتي يعانين من أمراض مثل اضطرابات الغدة الدرقية، أو مرض السكري من النوع الأول والثاني، معرضات للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
- أسباب فيزيولوجية، فقد يلعب الانخفاض الكبير في هرمون الاستروجين والبروجسترون بعد الولادة دورًا في ذلك، قد تنخفض الهرمونات الأخرى التي تفرزها الغدة الدرقية أيضًا بشكل حاد، مما يسبب شعورًا بالتعب والركود والاكتئاب.
- قلة النوم، التي ترافق ولادة طفل صغير والعناية به، فعندما تكونين محرومًة من النوم ومرهقًة، فقد تواجهين مشكلة في التعامل حتى مع المشكلات البسيطة.
- الشعور بأنك أقل جاذبية، أو تشعرين أنك فقدت السيطرة على حياتك.
مضاعفات اكتئاب ما بعد الولادة
في حال أهملتِ علاج الاكتئاب الذي تعانين منه بعد الولادة، ستواجهين المزيد من التحديات على مستوى الصحة النفسية لك ولعائلتك، أبرز هذه المضاعفات مايلي:
- عدم التمكن من إرضاع طفلك أو حتى تجنب لمسه.
- إهمال العناية الشخصية بنفسك وإهمال رعاية الطفل.
- الاعتقاد بأن هذا الطفل بين ذراعيك ربما ليس طفلك وربما تم استبداله في المستشفى مع طفل آخر.
- إلحاق الضرر بالجو العائلي وخلق بيئة متوترة للعائلة.
- قد تعاني الأمهات غير المعالجات من أطفال يعانون من مشاكل سلوكية أو عاطفية مثل البكاء المفرط، ومشاكل الأكل والنوم، أو تأخيرات في النمو واللغة.
علاج اكتئاب ما بعد الولادة

يوجد العديد من الطرق التي تساعد في التخفيف من حدة أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، حيث يتم التعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة بشكل مختلف، اعتمادًا على نوع الأعراض ومدى شدتها، وتشمل هذه الطرق مايلي:
- العلاج بالأدوية المضادة للقلق أو مضادات الاكتئاب.
- العلاج النفسي من خلال زيارة طبيب نفسي بانتظام، أوالمشاركة في مجموعة دعم للدعم العاطفي والتعليم.
- في حال تفاقم أعراض الإكتئاب لدى الأم، يمكن وصف دواء وريدي من دواء جديد يسمى بريكسانولون (زولريسو). وهو دواء مضاد للإكتئاب، يعمل على موازنة المواد الكيميائية في الدماغ التي تنظم مزاجك.
- في حالة ذهان ما بعد الولادة، عادة ما يتم إضافة الأدوية المستخدمة لعلاج الذهان. غالبًا ما يكون الدخول إلى المستشفى ضروريًا أيضًا.
- إذا كنت ترضعين طفلك رضاعة طبيعية، فتجنبي تناول أدوية الاكتئاب أو القلق أو حتى الذهان دون إشراف الطبيب، على الرغم من أن تناول مضادات الاكتئاب أثناء الرضاعة الطبيعية آمن، إلا أن هذه الأدوية قد تنتقل إلى الطفل عن طريق حليب الثدي ولكن بمستويات منخفضة جدًا.
- وفقًا لبعض الدراسات، قد يكون أطفال الأمهات اللاتي تناولن مضادات الاكتئاب ورضعوا أكثر تهيجًا قليلاً أو يعانون من مشاكل في الرضاعة أو النوم. ومع ذلك، فإن الأطفال الذين يولدون لأمهات مصابات بالاكتئاب قد يعانون أيضًا من نفس المشاكل. لذا لا بد من استشارة الطبيب عند ملاحظة أي عارض غير صحي على الطفل كالخمول مثلًا.
هل اكتئاب ما بعد الولادة شائع؟
وفقًا للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، يولد أكثر من 400000 طفل لأمهات مكتئبات كل عام. تشير الدراسات إلى أن 30 إلى 35 بالمائة من الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الاكتئاب أو اضطرابات المزاج أو القلق من المرجح أن يصابوا باكتئاب ما بعد الولادة. قد يصاب بعض الأشخاص باكتئاب ما بعد الولادة ويعانون منه، وقد لا يختبر البعض الآخر هذا الشعور على الإطلاق. لكن وفقًا للإحصاءات والدراسات، فإن:
- حوالي 70 إلى 80 في المائة من النساء يعانين من اضطرابات المزاج بعد الولادة. إذ قد تعاني 1 من كل 8 نساء من اكتئاب ما بعد الولادة، بشكل عام، وهذا هو الحال في جميع أنحاء العالم، حتى في أوروبا.
- قد تعاني 15٪ من النساء من اكتئاب خفيف بعد الحمل، وما بين 0.1٪ و0.2٪ من النساء يعانين من شكل نادر من الذهان التالي للولادة.
- حوالي 50٪ من النساء اللواتي يصبن باكتئاب ما بعد الولادة يعانين من نوبة اكتئابهن الأولى بعد الولادة، في حين أن الـ 50٪ المتبقية يعانين من أعراض الاكتئاب قبل الولادة.
- الأمهات اللاتي كان لديهن تاريخ من اكتئاب ما بعد الولادة في حملهن السابق أكثر عرضة بنسبة 10-50٪ للإصابة بالاكتئاب في ولادتهن اللاحقة.
- 50% من النساء المصابات باكتئاب ما بعد الولادة لأول مرة، عانين من أعراض الاكتئاب أثناء الحمل. لهذا السبب، يجب تشخيص الاكتئاب عند النساء بعد الحمل بسرعة لمنع تفاقمه من خلال العلاج المبكر. حيث يمكن أن يكون العلاج والشفاء أسرع بكثير.
الوقاية من اكتئاب ما بعد الولادة
اكتئاب ما بعد الولادة هو مرض نفسي مزعج، يطرح العديد من التحديات للأمهات الجدد وعائلاتهم. كما قد ينعكس سلبًا على الرضيع من ناحية الرعاية والإهتمام العاطفي. ومع ذلك، يمكن منعه أو التخفيف من حدته من خلال توفير الرعاية النفسية والدعم للأمهات الجدد بعد الولادة. حيث تشمل هذه الرعاية الدعم الزوجي والعائلي وحتى الطبي. حيث يجب أن تكون النساء المعرضات لاكتئاب ما بعد الولادة تحت إشراف متخصصين ذوي خبرة أثناء الحمل. في هذه الحالة، بعد الولادة، ستكون احتمالية المعاناة من الاكتئاب الشديد أقل بكثير.
نصائح للتخفيف من اكتئاب ما بعد الولادة
على الرغم من أن أفضل طريقة لعلاج الاكتئاب هي طلب المساعدة من طبيب متخصص، إلا أن هناك طرق للعناية بنفسك خلال أيام الشفاء من الاكتئاب، والتي من الأفضل أن تكوني ملمة بها، بعض هذه النصائح ما يلي:
- اطلبي المساعدة، ووضحي للآخرين الطريقة التي تحتاجين فيها للمساعدة.
- كوني واقعية بشأن توقعاتك لنفسك ولطفلك، لا تحملي نفسك أكثر من طاقتك.
- مارسي الرياضة، واخرجي من المنزل لفترات قصيرة مع طفلك.
- توقعي أن تكون بعض أيامك جيدة وبعضها الآخر سيئ.
- اتبعي نظام غذائي صحي ومتوازن، وتجنب تناول الكحول والكافيين.
- عززي علاقتك مع شريك حياتك، من خلال تخصيص بعض الوقت لتمضياه معًا.
- ابقي على اتصال مع العائلة والأصدقاء، وتجنبي العزلة.
- ضعي حدًا للزوار عند عودتك للمنزل لأول مرة من المشفى.
- حاولي النوم أو الراحة عندما ينام طفلك.
نصيحة أخيرة
اكتئاب ما بعد الولادة ليس عيبًا في الشخصية أو ضعفًا، في بعض الأحيان قد يكون الأمر مجرد أمر عارض، يمكن أن يساعدك العلاج الفوري، وتلقي الدعم الكافي في إدارة الأعراض الخاصة بك ومساعدتك على تعزيز الارتباط بطفلك.
المصادر